أعلام فى تاريخ أمراض النبات

 جولياس كون

 Julius Gotthelf Kuehn   

(1825 -1910)

ارتبطت بداية علم أمراض النبات باسم العالم الألمانى جوليوس كون مثلما ارتبطت باسم دىبارى   .  ولد كون  فى  بولسنتز بساكسونيا ببروسيا    Pulsntiz , Saxon , Prussia    ، بعد انهاء الدراسة بالمدرسة أمضى كون الفترة من 1848 حتى 1855 يدير مزرعة   ضخمة مساحتها 750 هكتار تقع قرب بونزلو Bonzlau فى سيليسا Silesia. بدأ اهتمام كون بالعلوم الطبيعية و خاصة علم النبات مبكرا . عندما كان فى الثامنة عشرة من عمره كون معشبة احتوت على 600 عينة نباتية  و كان حريصا على معرفة كل النباتات الشائعة .   كما كان كون دائم الاتصال بالعلماء لحل المشكلات التى كانت تواجهه أثناء اشتغاله بالإدراة المزرعيه ، ففى سنة   1850 اشترك هو و شليدن Schleiden  فى تناول مشكلة مرض يظهر على نباتات البنجر خاصة  الحديثة التسميد ، فى رأى كون أن الأعراض كانت تشير إلى مرض اللفحة المتأخرة و كان شيلدين يرجح أنها راجعة لعدم اتزان التسميد واقترح إجراء تحليل كيماوى للنباتات السليمة و المصابة . فى 1851 لجأ  كون إلى رابينهورست Rabenhorset فى درسدن Dresden  يطلب النصيحة بشأن الطحالب التى تعوق الصرف فى الحقول ، و قد عرف الطحلب و  كان أحد الأنواع الجديدة و أطلق عليه Leptothrix kueneana  . ابتداء من  سنة 1853 كان كون على اتصال بفيرديناند كوهن Ferdinand Cohn   الذى  أصبح فيما بعد عالما شهيرا فى البكتيريا ، و قد لاحظ كوهن مدى اهتمام كون بدراسة أمراض النبات و شجعه  على ذلك و حثه على نشر نتائج دراساته فى كتاب .

كان أول بحث ينشره كون فى مجال أمراض النبات  فى سنة 1855 عن الفطريات المسببة لتبقعات الأوراق فى اللفت و الجزر و التى  أعطاها أسمى Sporidesmium exitiosum & S. exitiosum var dauci   على الترتيب . خلال تلك الدراسة تتبع كون ووصف حدوث الإصابة من وقت إنبات الجراثيم و اختراق  هيفا الفطر لبشرة النبات ثم تغلغلها فى النسيج حتى إنتاج الجراثيم ، أوضح كون فى هذا البحث أهمية الجراثيم كمسبب لحدوث العدوى و فى نشر المرض و وبائيته و فى مكافحته . فى دراسته الثانية تتبع نمو فطر لفحة اللفت على الشرائح الزجاجية من وقت إنبات الجراثيم حتى التجرثم و تتبع نفس الخطوات على سويقات اللفت المفصولة و النامية على سطح الماء . نشر بحثا عن مرض الإرجوت  فى سنة 1856 فى   Hedwigia  أوضح فيه أن الإرجوت ما هو إلا جسم حجرى لفطر متطفل على النبات و أن هذا الجسم الحجرى ينتج أكياسا أسكية و جراثيما أسكية إبرية الشكل ، ثم نشر دراسة أخرى مفصلة عن نفس المرض فى Agronomische Zeittung  .

رغم استمتاع كون بعمله كمدير مزرعة ، إلا أنه كان راغبا فى أن يكون مدرسا للزراعة فالتحق بالأكاديمية الزراعية فى بونAgricultural Academy of Bonn-Poppelsdrof  خلال عامى 1855 و 1856  وحصل على درجة علمية فى الزراعة ليصبح محاضرا لعلوم الزراعة فى الأكاديمية الزراعية فى بروسكاو  بسيلسيا    Agricultural Academy of Proskau in Silesia   ، و فى ذات العام تشاور كون مع عالم النبات جيوبرت H. R. Goeppert   فى بريسلو  Breslau بشأن الحصول على الدكتوراه ، كان جيوبرت معجبا  بكون كباحث علم نفسه بنفسه ، إلى حد كبير ، و له أراء مستقلة فى مجال أمراض النبات فزكاه للالتحاق بكلية الفلسفة بجامعة ليبزج  . فى سنة 1857 حصل كون على درجة الدكتوراة و كان عنوان الرسالة  On Smut of Cereals and the Diseases of Rape and on the Life Cycle of Corn Smut    

استدعت الحالة الاقتصادية أن يعود كون مرة أخرى إلي المجال العملى للزراعة فظل لمدة خمس سنوات يدير مزرعة  مزرعة مساحتها 1000 هكتار قرب سيلسيا ، إلا أنه استمر فى نشاطه فى مجال أمراض النبات . نشر كون كتابه " أمراض النباتات المنزرعة " فى سنة 1858. تناول الكتاب الأمراض النباتية الشائعة و التى كانت لغزا لقرون عديدة . ناقش الكتاب أمراض النباتات و مسبباتها وقسمها إلى أمراض طفيلية وغير طفيلية  .كان  الكتاب موجها للزراع و العلماء على حد سواء ، فهو يعرف الزراع بحقيقة المرض ومن ثم يوجههم نحو المكافحة الفعالة .و يعرف العلماء بالدور الذى تلعبه الفطريات كممرضات للنبات و ساق الأدلة التجريبية على تطفل الفطريات على النبات. فى تناوله لأمراض الأصداء و التفحمات و البياض قدم عنها سردا تاريخا ثم أتبعه بإسهاماته فى تلك المجالات .  و قد تضمن الكتاب مرض القشرة السوداء فى البطاطس و وصف كون للممرض Rhizoctonia solani  ، ووصفا لمرض نيماتودى فى Dipsacus  يسببه Anguillula ( Dictylenchus ) dipsaci . بناء على الخبرة المزرعية لكون فإنه يوصى فى كتابه بالعمليات الزراعية و التسميد بما يناسب مكافحة الأمراض و إنتاج محصول مرتفع وكذا بمعاملة  تقاوى النجيليات  لمكافحة التفحم   . وقد صف المؤرخون هذا الكتاب بأنه يمثل نقطة تحول فى المعتقدات البيولوجية  .  

 فى 1862  عين كون استاذا لكرسى الزراعة الذى كان قد انشأ حديثا فى جامعة هال ، بعد أن قبل كون هذا المنصب كتب " واصلت فيه العمل بمنتهى الإخلاص لإنه حقق لى أقصى طموح كنت أتمناه من أعماق روحى ، هل ستتاح لى الفرصة هنا أن أوجد حتى زارعا جيدا – ربى بارك البذرة التى دعيت لبذرها " . تحققت أمنيات كون فقد كانت شهرته كمعلم و أستاذ جامعى و شهرة معهده وراء اجتذاب  الدارسين من كل مكان فى ألمانيا و من دول أخرى . بلغ عدد  من درسوا الزراعة فى هال  حوالى 5000  حتى سنة 1888 . على الرغم من أن تدريس كون و بحوثه فى هال شملا مجالات عديدة ، إلا أن اهتمامه الخاص بأمراض النبات ظل مستمرا . وجه اهتماما خاصا لمرض نيماتودى فى البنجر  Ruebenmuedigkeit  كان ذو أهمية اقتصادية كبيرة فى ألمانيا وسجل العديد من أنواع الممرضات الجديدة من بينها ما ينتمى لأجناس Tilletia , Ustilago , Phoma  . حصل واحد فقط من تلاميذ كون على درجة الدكتوراة هو Reinhold Wolff  الذى صار من علماء أمراض النبات البارزين . وضع علماء ألمانيا كون فى مكانة رفيعة و احتفلوا بعيد ميلاده السبعين و الثمانين . أطلق اسم كون على قاعة للمحاضرات بجامعة هال و كذا على أحد شوارع المدينة  ، و تحول اسم الدورية التى أنشأها كون منMitteilungen aus dem physiologischem Laboratorium und der Verschaftlichen Insitutes der Uneversitaet Hall  إلى   Kuehn- Archiev اعتبارا من سنة 1911 و مازالت تصدر حتى الآن .

هكذا كان جولياس كون الذى يحتل مكانة بارزة فى الصف الأول لعلماء أمراض النبات ، الإنسان  الدؤوب و العالم الفذ الذى كان تفكيره يسبق عصره .